القلب النابض للإلكترونيات.. باحثون يطورون بطاريات تدوم لآلاف السنين بشحنة واحدة

الجمعة 07 اغسطس 2020 | 08:16 مساءً

لا يخلوا أي منزل من الأجهزة الإلكترونية في العالم أجمع، وانتشرت الأجهزة المحمولة في بقاع الأرض بشكل كبير جدًا، وكثير منا يعاني من مشكلة وحدات تخزين الطاقة (البطاريات) التي تعد القلب النابض للأجهزة الذكية، فسرعان ما تنفذ ونقوم بإعادة شحنها مرة أخرى، وكانت بطاريات الليثيوم طفرة في حلول تخزين الطاقة والتنقل بها من مكان لآخر، وسببا لثورة الإلكترونيات، وتطور الأجهزة الذكية التي نستخدمها في حياتنا اليومية.

بداية بطاريات الليثيوم

تُعد شركة سوني هي أول من طرح بطاريات الليثيوم أيون للاستخدام التجاري عام 1991، وذلك لحل مشكلة عدم بقاء البطاريات المستخدمة في كاميرات الفيديو لفترات طويلة، وأصبحنا نستخدمها الآن لتوفير الطاقة لمعظم الأجهزة الإلكترونية الحديثة، من أجهزة الكمبيوتر المحمولة، والهواتف المحمولة، والمكانس الكهربائية، وغيرها من الأجهزة التي لا يمكن الاستغناء عنها في حياتنا اليومية، وحصل ثلاثة علماء، العام الماضي، على جائزة نوبل للكيمياء، كانوا وراء هذا الاختراع العظيم.

الاعتماد على البطاريات

ويتوقع الخبراء أن يزداد الاعتماد على هذه بطاريات الليثيوم خلال الفترة المقبلة، في المركبات الكهربائية كبديل للوقود، إضافة إلى إنتاج كميات هائلة من البطاريات لتخزين الطاقة الكهربائية الفائضة لتعويض نقص الطاقة في الأوقات التي لا تهب فيها الرياح أو لا تسطع فيها الشمس، حتى لا يحدث عجز في الطاقة الكهربائية، ويباع في الوقت الحالي أكثر من سبعة مليارات بطارية ليثيوم أيون حول العالم، ومن المتوقع أن يزيد هذا العدد إلى أكثر من 15 مليار بطارية بحلول 2027.

عيوب بطاريات الليثيوم

بطاريات الليثيوم أيون لا تخلو من العيوب، إذ تقل قدرتها على الاحتفاظ بالطاقة وتخزينها لفترات طويلة مع تكرار الشحن، ويتدنى أداؤها عندما يكون الطقس فائق الحرارة أوفائق البرودة، وأثيرت مخاوف أيضا حول أمان هذه البطاريات وتأثيرها على البيئة، فقد تحترق بطاريات الليثيوم أيون أو تنفجر في ظروف معينة، كما أن استخراج المعادن المستخدمة في تصنيعها قد يُسبب أضرارا جسيمة بالبيئة والمجتمعات.

تطور البطاريات

دفعت عيوب بطاريات الليثيوم علماء كثيرين حول العالم لتطوير أنواع جديدة من البطاريات تتلافى هذه العيوب، ولجأ بعضهم لتسخير طائفة من المواد الجديدة، بدءا من الألماس ووصولا إلى نوع من الفاكهة له رائحة لا تطاق، على أمل العثور على حلول جديدة لتوفير الطاقة للأجهزة الإلكترونية مستقبلا، وإطالة عمر البطارية لأطول فترة زمنية ممكنة.

وفي السياق ذاته، يعمل مورو باستا، عالم مواد بجامعة أوكسفورد والمشرف على المرحلة الثانية لبطاريات الليثيوم أيون في مؤسسة فاراداي، على تطوير وتحسين كثافة الطاقة ببطاريات الليثيوم أيون وزيادة كفاءتها؛ لتفادي انخفاضها وقلة كفاءتها مع تكرار عملية الشحن، ويركز على استبدال المحلول الكهربائي السائل القابل للاشتعال في بطاريات الليثيوم أيون بمادة صلبة مصنوعة من الخزف.

وأوضح باستا، أن استخدام المادة الصلبة يحد من مخاطر اشتعال المحلول المائي في حالة حدوث ماس كهربائي، كما حدث في عام 2017، حين سحبت سامسومج 2.5 مليون جهاز جالكسي نوت 7 بعد حوادث اشتعال في البطاريات بسبب الماس الكهربائى الزائد.

بطاريات المستقبل

يدرس الباحثون معالجة مشاكل أخرى في بطاريات الليثيوم أيون، بخلاف تبعاتها البيئية، ويرى توم سكوت، عالم المواد بجامعة بريستول، أن بطاريات الليثيوم أيون سيحل محلها وسائل جديدة لتخزين الطاقة في الكثير من الاستخدامات المعاصرة، وخاصة في البيئات المتطرفة، على مدى القرن القادم.

وقام عالم المواد بجامعة بريستول وفريقه، بصنع بطاريات من الألماس، إذ قام الفريق بتطوير ألماس اصطناعي يحتوي على النظير (كربون-14) المشع، للحصول على بطاريات تستمد الطاقة من النظائر المشعة، لكي تنتج تيارا متواصلا وتدوم لآلاف السنوات، فعندما تتحلل النظائر المشعة الموجودة داخل بلورات الألماس تطلق إلكترونات عالية الطاقة. وقد تُسخر هذه الإلكترونات المتدفقة لإنتاج تيار كهربائي.

ويقول الباحثون إن النشاط الإشعاعي خارج البطارية يظل عند مستويات آمنة، وطور الفريق نموذجا أوليا من “بطارية الألماس”، باستخدام ألماس اصطناعي، وعرضه الباحثون للإشعاعات الناتجة عن نظير (النيكل-63)، حتى تتدفق الإلكترونات عبر الألماس. ويعمل الباحثون على تطوير نوع من بطاريات الألماس باستخدام نظير (الكربون-14) المستخرج من كتل الغرافيت التي استخدمت في محطات الطاقة النووية.

وقام الفريق بتطوير بطاريات قابلة للشحن، لكن سكوت يقول إن شحنها يتطلب وضعها لبضع ساعات داخل قلب المفاعل لتصل إلى الكفاءة الأصلية.

وبفضل التيار المتواصل المتولد عن تحلل المادة المشعة، تنتج هذه البطاريات الكهرباء لآلاف السنوات، إذ يبلغ عمر النصف لعنصر الكربون “أي عندما تنخفض شدته الإشعاعية إلى النصف” 5,730 سنة.

ويأمل سكوت وزملاؤه أن توفر هذه البطاريات حلا لمشكلة النفايات النووية بعد خروج محطات الطاقة النووية من الخدمة، وذلك بتحويلها إلى بطاريات طويلة الأمد.